ﻋﺮﻑ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻘﺪﻡ
ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺪّﻓﻦ ﻭ ﺍﺗﺨﺎﺫ
ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻟﺬﻟﻚ ، ﻭ ﻗﺪ ﺩﻋﺖ
ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﺍﺣﺘﺎﺝ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻟﺪﻓﻦ ﺃﺧﻴﻪ
ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﻣﻮﺗﻪ ، ﻓﺎﻟﻤﻮﺕ
ﻛﻤﺎ ﻧﻌﺮﻑ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻫﻮ ﻧﻬﺎﻳﺔ
ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ ﻭ ﻫﻮ ﺣﻖّ ﻋﻠﻰ
ﻛﻞّ ﺇﻧﺴﺎﻥٍ ، ﻭ ﻗﺪ ﺣﺪّﺙ
ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻋﻦ ﻗﺼّﺔ
ﻭﻟﺪﻱ ﺁﺩﻡ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻣﻊ ﻗﺎﺑﻴﻞ
ﻭ ﻛﻴﻒ ﺣﻤﻞ ﺍﻟﺤﻘﺪ ﻭ
ﺍﻟﺤﺴﺪ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﻞ
ﺃﺧﺎﻩ ﻫﺎﺑﻴﻞ ﻓﻲ ﺃﻭّﻝ ﺟﺮﻳﻤﺔٍ
ﺗﺴﻔﻚ ﻓﻴﻬﺎ ﺩﻡ ﺍﻷﺑﺮﻳﺎﺀ ﻓﻲ
ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳّﺔ ، ﻟﺬﻟﻚ
ﻳﺘﺤﻤّﻞ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﺟﺰﺀً ﻣﻦ ﻛﻞّ
ﺟﺮﻳﻤﺔٍ ﺗﺮﺗﻜﺐ ﺑﻌﺪ ﺟﺮﻳﻤﺘﻪ
ﺇﻟﻰ ﻗﻴﺎﻡ ﺍﻟﺴّﺎﻋﺔ ﻭ ﺫﻟﻚ
ﺑﺴﺒﺐ ﺃﻧّﻪ ﻛﺎﻥ ﺃﻭّﻝ ﻣﻦ ﺳﻦّ
ﺍﻟﻘﺘﻞ ، ﻭ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺘﻞ
ﻗﺎﺑﻴﻞ ﺃﺧﻮﻩ ﻟﻢ ﻳﺪﺭﻱ ﻛﻴﻒ
ﻳﺪﻓﻨﻪ ﻓﺎﺣﺘﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻩ ﻭ
ﺍﻏﺘﻢ ﻟﺬﻟﻚ ، ﻓﻘﺪّﺭ ﺍﻟﻠﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ
ﻏﺮﺍﺏٌ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ ﻟﺪﻓﻦ ﻏﺮﺍﺏٍ
ﺁﺧﺮ ، ﻓﻨﻈﺮ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ
ﺇﻟﻰ ﺻﻨﻊ ﺍﻟﻐﺮﺍﺏ ﻭ ﻛﻴﻒ
ﻳﻘﻮﻡ ﻳﺤﻔﺮ ﺣﻔﺮﺓٍ ﻭ ﻭﺿﻊ
ﺍﻟﻐﺮﺍﺏ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻓﻴﻬﺎ ، ﺛﻢّ
ﺍﻫﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺏ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ
ﺗﻐﻄﻴﺘﻪ ، ﻓﻌﺮﻑ ﻗﺎﺑﻴﻞ
ﺣﻴﻨﺌﺬٍ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺩﻓﻦ ﺃﺧﻴﻪ ،
ﻓﺴﺎﺭﻉ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺍﺭﺍﺓ ﺟﺜّﺘﻪ
ﺍﻟﺜّﺮﻯ ، ﻭ ﺇﻫﺎﻟﺔ ﺍﻟﺘّﺮﺍﺏ ﻋﻠﻴﻪ
، ﻓﺪﻓﻨﺖ ﺍﻟﺮّﻭﺡ ﺍﻟﻄّﺎﻫﺮﺓ
ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻣﺔ ، ﻭ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﺮﻑ
ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻛﻤﻜﺎﻥٍ ﻟﺪﻓﻦ
ﻣﻮﺗﺎﻫﻢ ﻭ ﺩﻟّﺖ ﺍﻟﺸّﻮﺍﻫﺪ
ﺍﻟﺘّﺎﺭﻳﺨﻴّﺔ ﻭ ﺍﻷﺛﺮﻳّﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥّ
ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ
ﺳﻜﻨﺖ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳﻦ ﻭ ﺑﻼﺩ
ﺍﻟﻨّﻴﻞ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻭ
ﺍﻫﺘﻤﺖ ﺑﻬﺎ ، ﻭ ﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ
ﻋﻘﻴﺪﺓ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨّﺎﺱ ﺗﺆﻣﻦ
ﺑﺎﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ، ﻓﻌﻨﻴﺖ
ﺑﺄﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ ﻓﻲ
ﻗﺒﻮﺭﻫﻢ ، ﻭ ﻛﺎﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ
ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻃﻌﺎﻣﺎً ﻭ
ﻣﻼﺑﺲ ﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻇﻨّﺎ ﻣﻨﻬﻢ
ﺃﻧّﻬﺎ ﺳﺘﻜﻮﻥ ﺯﺍﺩﺍً ﻟﻪ ﻭ
ﻣﻌﻴﻨﺎً ﻓﻲ ﻗﺒﺮﻩ .
ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﻘﺒﺮ
ﻭ ﻗﺪ ﺟﺎﺀ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻟﻴﺒﻴّﻦ ﺃﻥّ
ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺇﻧّﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﻨﺰﻟﺔٌ ﻣﻦ
ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻵﺧﺮﺓ ، ﻭ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ
ﺍﻟﺒﺮﺯﺧﻴّﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪّﻧﻴﺎ
ﻭ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻵﺧﺮﺓ ، ﻭ ﺇﻥّ ﺍﻟﻘﺒﺮ
ﺇﻣّﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺭﻭﺿﺔً ﻣﻦ
ﺭﻳﺎﺽ ﺍﻟﺠﻨّﺔ ﻭ ﺇﻣّﺎ ﺃﻥ
ﻳﻜﻮﻥ ﺣﻔﺮﺓً ﻣﻦ ﺣﻔﺮ ﺍﻟﻨّﺎﺭ ،
ﻭ ﻗﺪ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻨّﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼّﻼﺓ
ﻭ ﺍﻟﺴّﻼﻡ ﻋﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ
ﺛﻢّ ﺭﺧﺺ ﻓﻴﻬﺎ ﻭ ﺣﺚّ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺬﻛّﺮ ﺑﺎﻵﺧﺮﺓ .