ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﺍﻷﻳﻮﺑﻲ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺇﺳﻤﻪ ﻭﻟﻘﺒﻪ
ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻫﻮ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺍﻟﻨﺎﺻﺮ ﺃﺑﻮ
ﺍﻟﻤﻈﻔﺮ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺃﻳﻮﺏ، ﺍﻟﻤﻮﻟﻮﺩ
ﻓﻲ )532ﻫـ1138-ﻡ ( ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ
ﺗﻜﺮﻳﺖ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻴﺔ ، ﻭﻛﺎﻥ
ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻧﺠﻢ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻳﻮﺏ ﻭﺍﻟﻴﺎً
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺁﻧﺬﺍﻙ . ﻭﻗﺪ ﺇﺧﺘﻠﻒ
ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﻓﻲ ﻧﺲ ﺑﺎﻟﻌﺎﺋﻠﺔ
ﺍﻷﻳﻮﺑﻴﺔ ، ﻓﻤﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﻧﺴﺒﻬﻢ
ﺇﻟﻰ ﺃﻛﺮﺍﺩ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ ﻭﻣﻨﻬﻢ
ﻣﻦ ﺃﺭﺟﻊ ﺃﺻﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺟﺬﻭﺭ
ﻋﺮﺑﻴﺔ ، ﻭﻗﺪ ﺣﺎﻭﻝ ﺑﻌﺾ
ﺃﻣﺮﺍﺀ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻷﻳﻮﺑﻴﺔ ﺇﺛﺒﺎﺕ
ﺟﺬﻭﺭﻫﻢ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺄﻥ
ﺃﺭﺟﻌﻮﻫﺎ ﻟﺒﻨﻲ ﺃﻣﻴﺔ .
ﺃﻣﺎ ﻋﻦ ﻃﻔﻮﻟﺔ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻓﻘﺪ ﻗﻀﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻓﻲ
ﺑﻼﻁ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺑﻦ
ﺯﻧﻜﻲ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻭﺍﻟﺪﻩ ﻗﺪ
ﺃﺻﺒﺢ ﻭﺍﻟﻴﺎً ﻋﻠﻰ ﺑﻌﻠﺒﻚ .
ﺗﻠﻘﻰ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺸﺎﺏ
ﻋﻠﻮﻣﻪ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻭﺑﺮﻉ ﻓﻲ
ﺩﺭﺍﺳﺘﻪ ﻭﺃﺣﺐ ﺩﻣﺸﻖ ﺣﺒﺎً
ﺷﺪﻳﺪﺍً ، ﻭﻗﺎﻝ ﺑﻌﺾ
ﻣﻌﺎﺻﺮﻳﻪ ﻋﻨﻪ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻥ ﻋﺎﻟﻤﺎً
ﺑﺎﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﺍﻹﻗﻠﻴﺪﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺎﺕ ﻭﻋﻠﻮﻡ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ
ﻭﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ، ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺬﻟﻚ
ﻣﻠﻤﺎً ﺑﻌﻠﻢ ﺍﻷﻧﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻴﺮ
ﻭﺍﻟﺸﻌﺮ ، ﻭﻳﺮﺟﺢ ﺃﻥ ﺷﻐﻔﻪ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ
ﻣﻦ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺟﻌﻠﺘﻪ ﻳﻬﺘﻢ ﻓﻴﻤﺎ
ﺑﻌﺪ ﺑﺎﻟﺘﺼﻮﻑ ، ﺣﻴﺚ ﻳﻘﻮﻝ
ﺍﻟﻤﻘﺮﻳﺰﻱ ﻭﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ ﺃﻧﻪ ﻛﺎﻡ ﺃﺷﻌﺮﻳﺎً
ﻭﻛﺎﻥ ﻳﺼﻄﺤﺐ ﻋﻠﻤﺎﺀ
ﺍﻟﻤﺘﺼﻮﻓﺔ ﻷﺧﺬ ﺍﻟﺮﺃﻱ
ﻭﺍﻟﻤﺸﻮﺭﺓ ،ﻭﻗﻴﻞ ﺃﻳﻀﺎً ﺃﻧﻪ
ﺍﺗﺒﻊ ﺍﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ﺍﻟﻘﺎﺩﺭﻳﺔ .
ﻟﻤﻊ ﻧﺠﻢ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ
ﻋﺴﻜﺮﻳﺎً ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻤﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ
ﺷﺎﺭﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻊ ﻋﻤﻪ ﺃﺳﺪ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺷﻴﺮﻛﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺮ
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺑﺈﺻﺪﺍﺭ
ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻲ ﺁﻧﺬﺍﻙ
ﺍﻟﻌﺎﺿﺪ ﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻣﺮﺃ
ﺑﺘﻌﻴﻴﻦ ﺃﺳﺪ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺯﻳﺮﺍً
ﻟﻤﺼﺮ، ﺍﻟﺬﻱ ﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ
ﺗﻮﻓﻰ ﻭﺗﻮﻟﻰ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﻣﻦ
ﺑﻌﺪﻩ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ، ﻭﻳﺬﻛﺮ
ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻮﻥ ﺃﻧﻪ ﺗﻮﻻﻫﺎ
ﺑﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ ﻣﻦ
ﺍﻷﻣﺮﺍﺀ ﺍﻟﺰﻧﻜﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ
، ﻭﺳﺮﻋﺎﻥ ﻣﺎ ﺗﺨﻠﺺ ﺻﻼﺡ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ
ﻭﺍﺟﻬﺘﻪ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺔ ﺣﻜﻤﻪ
ﻟﻤﺼﺮ ﻭ ﺑﻮﻓﺎﺓ ﺍﻟﺨﻠﻴﻔﺔ
ﺍﻟﻔﺎﻃﻤﻲ ﺃﺳﺘﺘﺐ ﻟﻪ ﺍﻷﻣﺮ
ﻓﻲ ﻣﺼﺮ.
ﻭﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺓ ﻧﻮﺭ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺯﻧﻜﻲ
ﻋﻠﻰ ﺇﺛﺮ ﺣﻤﻰ ﺃﻟﻤﺖ ﺑﻪ ،
ﻭﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻭﺷﻚ ﺗﺴﻴﻴﺮ
ﺣﻤﻠﺔ ﻟﺨﻠﻊ ﺻﻼﺡ ﺍﻟﺪﻥ
ﻟﺨﻼﻓﺎﺕ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ، ﻗﺮﺭ ﺻﻼ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺿﻢ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺇﻟﻰ ﻣﺼﺮ
ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ
ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻲ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .
ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺣﻄﻴﻦ ﺇﺣﺪﻯ
ﺃﻭﻟﻰ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺑﻴﻦ ﺻﻼﺡ
ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻭﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ ، ﺗﻠﻚ
ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺣﺘﻰ
ﻟﺒﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ ﻭﺍﻧﺘﻬﺖ ﺑﺘﻄﻬﻴﺮ
ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻲ
ﻧﻬﺎﺋﻴﺎً.