ﺗﻌﺪ ﻗﺼﺔ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺠﻨﺘﻴﻦ
ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻗﺼﺺ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺭﺩﺕ ﻓﻴﻲ
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ ، ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﺼﺔ؟ ﻭ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻵﻳﺎﺕ
ﺍﻟﻜﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﺕ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻘﺼﺔ
ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ ، ﻋﺎﺵ
ﺭﺟﻼﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ، ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ
ﻗﺪ ﺍﺑﺘﻠﻲ ﺑﺎﻟﻔﻘﺮ ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ
ﺭﺟﻼً ﻣﺆﻣﻨﺎً ﺑﺎﻟﻠﻪ ، ﺃﻣﺎ ﺍﻵﺧﺮ ،
ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﺎﻝ ﻛﺜﻴﺮ
ﻭ ﻣﻦ ﺃﺷﻬﺮ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ، ﻭ ﻗﺪ
ﺃﻧﻌﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺄﻥ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ
ﺃﻣﻼﻛﻪ ﺣﺪﻳﻘﺘﻴﻦ ﻛﺒﻴﺮﺗﻴﻦ
ﺟﻤﻴﻠﺘﻴﻦ ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻐﻨﻲ
ﻣﺘﻜﺒﺮﺍً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻌﻢ ﻭ ﻣﻐﺮﻭﺭﺍً
، ﻻ ﻳﺤﻤﺪ ﺭﺑﻪ ﻭ ﻻ ﻳﺸﻜﺮﻩ ،
ﻳﻨﻜﺮ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻭ ﻳﺠﺤﺪﻫﺎ
ﺩﺍﺋﻤﺎً
ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻷﻳﺎﻡ ، ﺩﺧﻞ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺍﻟﻤﺘﻜﺒﺮ ﺇﻟﻰ ﺣﺪﻳﻘﺔ
ﻣﻦ ﺣﺪﺍﺋﻘﻪ ﻣﺸﻴﺮﺍً ﺇﻟﻰ ﻣﺎ
ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﻭ ﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭ
ﻗﺼﻮﺭ ﻗﺎﺋﻼً : ﻣﻠﻜﻲ ﻭ
ﻗﺼﻮﺭﻱ ﻟﻦ ﺗﺰﻭﻝ ﻳﻮﻣﺎً ﻣﻦ
ﻋﻨﺪﻱ ، ﻓﺴﺄﺑﻘﻰ ﻣﻦ ﺃﻏﻨﻰ
ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ ﻣﺎ ﺣﻴﻴﺖ
ﻛﺎﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻜﻞ
ﻣﺎ ﺭﺯﻗﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ
ﺻﺪﻗﺔ ﻟﻤﺤﺘﺎﺝ ﺃﻭ ﻳﺴﺎﻋﺪ
ﻓﻘﻴﺮﺍً ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻘﺮﺍﺀ ، ﻭ ﻓﻲ
ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ
ﺟﺎﺀ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻨﻲ
ﺍﻟﻤﺘﻜﺒﺮ ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻪ ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ
ﺃﻧﻌﻢ ﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ، ﻓﺎﺷﻜﺮ
ﺭﺑﻚ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ، ﻓﺴﻴﺄﺗﻲ
ﻳﻮﻡ ﻳﺤﺎﺳﺒﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻪ
ﻏﻀﺐ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻣﻦ ﻛﻼﻡ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ
ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻪ : ﻻ ﺃﺭﻳﺪ ﻣﻨﻚ
ﻧﺼﺤﺎً ، ﺍﺳﻜﺖ ﻭ ﻻ ﺗﺘﺎﺑﻊ
ﻛﻼﻣﻚ ، ﻓﺄﻧﺎ ﻻ ﺃﺻﺪﻕ ﺫﻟﻚ ،
ﻭ ﻻ ﺃﺅﻣﻦ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﻳﻮﻡ
ﻟﻠﺤﺴﺎﺏ ﻭ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ،ﻓﻤﻦ
ﺳﻴﺠﺮﺅ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎﺳﺒﺘﻲ ﻭ
ﺃﻧﺎ ﺃﻣﻠﻚ ﻛﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻭ
ﺍﻟﺠﺎﻩ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ، ﺑﺎﻟﻌﻜﺲ
، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ
ﻳﺤﺎﺳﺒﻨﻲ ، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﻘﺪﺭﻧﻲ
ﻭ ﻳﻮﻟﻴﻨﻲ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻟﻤﺎ
ﺃﻣﻠﻚ ﻣﻦ ﻣﺎﻝ
ﺃﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ ﺑﻬﺪﻭﺀ
ﻭ ﺧﺸﻮﻉ : ﺃﺗﻜﻔﺮ ﺑﺎﻟﺬﻱ
ﺧﻠﻘﻚ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﺏ ﻭ ﺭﺯﻗﻚ ﻭ
ﺳﻮﺍﻙ؟ ﻻ ﺗﻜﻔﺮ ﻳﺎ ﺻﺎﺣﺐ
ﺍﻟﺠﻨﺘﻴﻦ ﻟﻜﻦ ﺭﻏﻢ ﺫﻟﻚ ﻓﻘﺪ
ﺗﻜﺒﺮ ﺍﻟﻜﺎﻓﺮ ﻭ ﺃﺑﻰ ﻣﺼﺮﺍً
ﻋﻠﻰ ﺟﺒﺮﻭﺗﻪ ﻭ ﻛﻔﺮﻩ
ﻓﻲ ﺻﺒﺎﺡ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺧﺮﺝ
ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺇﻟﻰ ﺣﺪﻳﻘﺘﻪ ، ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ
ﻭﺻﻞ ﺍﻧﺪﻫﺶ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ
ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺁﻩ ، ﻓﻘﺪ ﻭﺟﺪ ﺃﻥ
ﺣﺪﻳﻘﺘﻪ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺧﺮﺍﺏ ،
ﻛﻞ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﺟﻔﺖ ، ﻭ ﺍﻟﺜﻤﺎﺭ
ﺗﺴﺎﻗﻄﺖ ، ﻣﺎﺀ ﺍﻟﻨﻬﺮ ﻟﻢ ﻳﻌﺪ
ﻣﻮﺟﻮﺩﺍً ، ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ
ﺍﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﻪ ﺃﺧﺬﺕ
ﺑﻨﺼﺢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮ
ﺍﻵﻳﺎﺕ
ﻭﺭﺩﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻓﻲ
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﻬﻒ ﺑﺎﻵﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ
ﻭَﺍﺿْﺮِﺏْ ﻟَﻬُﻢْ ﻣَﺜَﻠًﺎ ﺭَﺟُﻠَﻴْﻦِ
ﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﻟِﺄَﺣَﺪِﻫِﻤَﺎ ﺟَﻨَّﺘَﻴْﻦِ ﻣِﻦْ
ﺃَﻋْﻨَﺎﺏٍ ﻭَﺣَﻔَﻔْﻨَﺎﻫُﻤَﺎ ﺑِﻨَﺨْﻞٍ
ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻤَﺎ ﺯَﺭْﻋًﺎ ﻛِﻠْﺘَﺎ
ﺍﻟْﺠَﻨَّﺘَﻴْﻦِ ﺁﺗَﺖْ ﺃُﻛُﻠَﻬَﺎ ﻭَﻟَﻢْ
ﺗَﻈْﻠِﻢْ ﻣِﻨْﻪُ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻭَﻓَﺠَّﺮْﻧَﺎ
ﺧِﻠَﺎﻟَﻬُﻤَﺎ ﻧَﻬَﺮًﺍ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﻟَﻪُ ﺛَﻤَﺮٌ
ﻓَﻘَﺎﻝَ ﻟِﺼَﺎﺣِﺒِﻪِ ﻭَﻫُﻮَ ﻳُﺤَﺎﻭِﺭُﻩُ
ﺃَﻧَﺎ ﺃَﻛْﺜَﺮُ ﻣِﻨْﻚَ ﻣَﺎﻟًﺎ ﻭَﺃَﻋَﺰُّ
ﻧَﻔَﺮًﺍ ﻭَﺩَﺧَﻞَ ﺟَﻨَّﺘَﻪُ ﻭَﻫُﻮَ ﻇَﺎﻟِﻢٌ
ﻟِﻨَﻔْﺴِﻪِ ﻗَﺎﻝَ ﻣَﺎ ﺃَﻇُﻦُّ ﺃَﻥْ ﺗَﺒِﻴﺪَ
ﻫَﺬِﻩِ ﺃَﺑَﺪًﺍ ﻭَﻣَﺎ ﺃَﻇُﻦُّ ﺍﻟﺴَّﺎﻋَﺔَ
ﻗَﺎﺋِﻤَﺔً ﻭَﻟَﺌِﻦْ ﺭُﺩِﺩْﺕُ ﺇِﻟَﻰ ﺭَﺑِّﻲ
ﻟَﺄَﺟِﺪَﻥَّ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﻣُﻨْﻘَﻠَﺒًﺎ ﻗَﺎﻝَ
ﻟَﻪُ ﺻَﺎﺣِﺒُﻪُ ﻭَﻫُﻮَ ﻳُﺤَﺎﻭِﺭُﻩُ
ﺃَﻛَﻔَﺮْﺕَ ﺑِﺎﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻚَ ﻣِﻦْ
ﺗُﺮَﺍﺏٍ ﺛُﻢَّ ﻣِﻦْ ﻧُﻄْﻔَﺔٍ ﺛُﻢَّ
ﺳَﻮَّﺍﻙَ ﺭَﺟُﻠًﺎ ﻟَﻜِﻨَّﺎ ﻫُﻮَ ﺍﻟﻠَّﻪُ
ﺭَﺑِّﻲ ﻭَﻟَﺎ ﺃُﺷْﺮِﻙُ ﺑِﺮَﺑِّﻲ ﺃَﺣَﺪًﺍ
ﻭَﻟَﻮْﻟَﺎ ﺇِﺫْ ﺩَﺧَﻠْﺖَ ﺟَﻨَّﺘَﻚَ ﻗُﻠْﺖَ ﻣَﺎ
ﺷَﺎﺀَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟَﺎ ﻗُﻮَّﺓَ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﺇِﻥْ
ﺗَﺮَﻧِﻲ ﺃَﻧَﺎ ﺃَﻗَﻞَّ ﻣِﻨْﻚَ ﻣَﺎﻟًﺎ
ﻭَﻭَﻟَﺪًﺍ ﻓَﻌَﺴَﻰ ﺭَﺑِّﻲ ﺃَﻥْ
ﻳُﺆْﺗِﻴَﻨِﻲ ﺧَﻴْﺮًﺍ ﻣِﻦْ ﺟَﻨَّﺘِﻚَ
ﻭَﻳُﺮْﺳِﻞَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﺣُﺴْﺒَﺎﻧًﺎ ﻣِﻦَ
ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻓَﺘُﺼْﺒِﺢَ ﺻَﻌِﻴﺪًﺍ ﺯَﻟَﻘًﺎ
ﺃَﻭْ ﻳُﺼْﺒِﺢَ ﻣَﺎﺅُﻫَﺎ ﻏَﻮْﺭًﺍ ﻓَﻠَﻦْ
ﺗَﺴْﺘَﻄِﻴﻊَ ﻟَﻪُ ﻃَﻠَﺒًﺎ ﻭَﺃُﺣِﻴﻂَ
ﺑِﺜَﻤَﺮِﻩِ ﻓَﺄَﺻْﺒَﺢَ ﻳُﻘَﻠِّﺐُ ﻛَﻔَّﻴْﻪِ
ﻋَﻠَﻰ ﻣَﺎ ﺃَﻧْﻔَﻖَ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻭَﻫِﻲَ
ﺧَﺎﻭِﻳَﺔٌ ﻋَﻠَﻰ ﻋُﺮُﻭﺷِﻬَﺎ
ﻭَﻳَﻘُﻮﻝُ ﻳَﺎ ﻟَﻴْﺘَﻨِﻲ ﻟَﻢْ ﺃُﺷْﺮِﻙْ
ﺑِﺮَﺑِّﻲ ﺃَﺣَﺪًﺍ ﻭَﻟَﻢْ ﺗَﻜُﻦْ ﻟَﻪُ ﻓِﺌَﺔٌ
ﻳَﻨْﺼُﺮُﻭﻧَﻪُ ﻣِﻦْ ﺩُﻭﻥِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻣَﺎ
ﻛَﺎﻥَ ﻣُﻨْﺘَﺼِﺮًﺍ ﻫُﻨَﺎﻟِﻚَ ﺍﻟْﻮَﻟَﺎﻳَﺔُ
ﻟِﻠَّﻪِ ﺍﻟْﺤَﻖِّ ﻫُﻮَ ﺧَﻴْﺮٌ ﺛَﻮَﺍﺑًﺎ
ﻭَﺧَﻴْﺮٌﻋُﻘْﺒًﺎ