ﻛﺎﻥ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﻗﺪ
ﺍﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻴﻤﻦ,
ﻭﻭﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺎﻛﻤﺎً ﻣﻦ
ﺍﻷﺣﺒﺎﺵ ﻳﻘﺎﻝ ﻟﻪ
ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺍﻷﺷﺮﻡ ﻓﺄﻗﺎﻡ ﺃﺑﺮﻫﺔ
ﺍﻷﺷﺮﻣﻴﺤﻜﻢ ﺍﻟﻴﻤﻦ
ﻭﻳﺨﻀﻌﻬﺎ ﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻪ ﺑﻘﻮﺓ
ﺟﻴﺸﻪ
ﻭﻛﺎﻥ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻴﻤﻦ
ﺇﺫﺍ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺤﺞ
ﻳﺨﺮﺟﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﻟﻴﺤﺠﻮﺍ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ
ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﺔ, ﻭﻳﺆﺩﻭﺍ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﻚ
ﺣﺴﺐ ﺍﻟﺘﻘﺎﻟﻴﺪﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺎﺭﻑ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﺔ
ﻭﺭﺃﻯ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺧﺮﻭﺝ ﻗﻮﺍﻓﻞ
ﺍﻟﺤﺠﺎﺝ ﻓﺴﺄﻝ ﻋﻦ ﺫﻟﻚ,
ﻓﻘﻴﻞ ﻟﻪ: ﺇﻥ ﻟﻠﻌﺮﺏ ﺑﻴﺘﺎً
ﻳﻌﻈﻤﻮﻧﻪ
ﻭﻳﺤﺠﻮﻥ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ,
ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻣﻜﺔ.
ﺧﻄﺮﺕ ﻓﻲ ﺫﻫﻦ ﺃﺑﺮﻫﺔ
ﻓﻜﺮﺓ ﻓﻌﺰﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ,
ﻓﻘﺪ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺒﻨﻲ ﻛﻨﻴﺴﺔ
ﻋﻈﻴﻤﺔً ﻓﻲ
ﺻﻨﻌﺎﺀ, ﻭﻳﺒﺎﻟﻎ ﻓﻲ ﺑﻨﺎﺋﻬﺎ
ﻭﺯﺧﺮﻓﺘﻬﺎ, ﻟﻴﺼﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ
ﺍﺳﺘﺸﺎﺭ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻮﺍﻓﻘﻮﻩ
ﻋﻠﻰ ﻓﻜﺮﺗﻪ, ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ
ﺷﺮﻉ ﺑﺎﺳﺘﻘﺪﺍﻡ
ﺍﻟﻤﻬﻨﺪﺳﻴﻦ ﻭﺍﻟﺒﻨﺎﺋﻴﻦ, ﻭﺑﺪﺃ
ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ, ﺣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺑﻨﺎﺀﺳﺎﻣﻘﺎً
ﻗﻮﻳﺎً ﻣﺰﺧﺮﻓﺎً ﺟﻤﻴﻼً
ﻭﺃﻃﻠﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺍﺳﻢ
ﺍﻟﻘُﻠﻴﺲ ﻭﻗﺪ ﻛﻠﻔﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ
ﻣﺎﻻً ﻛﺜﻴﺮﺍ ﻭﻛﺘﺐ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺇﻟﻰ
ﻣﻠﻚ ﺍﻟﺤﺒﺸﺔ ﻳﺨﺒﺮﻩ ﺑﻤﺎ ﻓﻌﻞ
ﺛﻢ ﺇﻥ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺃﻣﺮ ﺟﻨﺪﻩ
ﻭﺃﻋﻮﺍﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﻌﺮﺏ
ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺤﺞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﻴﺲ ﺑﺪﻻً ﻣﻦ
ﻋﻨﺎﺀ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ. ﻟﻜﻦ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺳﻤﻌﻮﺍ ﺫﻟﻚ
ﺍﺳﺘﻬﺰﺀﻭﺍ ﺑﺄﺑﺮﻫﺔ
ﻭﺑﺎﻟﻘﻠﻴﺲ ﻓﻜﻴﻒ ﻳﺘﺮﻛﻮﻥ
ﺑﻴﺖ ﺃﺑﻴﻬﻢ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ,
ﻟﻴﺤﺠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻛﻨﻴﺴﺔ ﺃﺑﺮﻫﺔ؟
ﻭﺑﻠﻎ ﺍﻷﻣﺮ ﺃﻥ ﺃﺣﺪ ﻫﺆﻻﺀ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺗﺴﻠﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﻠﻴﺲ
ﺧﻔﻴﺔ ﻓﺄﺣﺪﺙ ﻓﻴﻪ, ﻭﻟﻄﺨﻪ
ﺑﺎﻟﻨﺠﺎﺳﺔ,
ﻓﻠﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﻏﻀﺐ
ﻏﻀﺒﺎً ﺷﺪﻳﺪﺍً, ﻭﺃﻗﺴﻢ ﺃﻥ
ﻳﻬﺪﻡ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ.
ﺃﺻﺪﺭ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺃﻭﺍﻣﺮﻩ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺠﻴﺶ ﻟﻴﺘﺠﻬﺰ ﻭﻳﺴﺘﻌﺪ
ﻟﻠﻤﺴﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ, ﻭﺃﻣﺮ
ﻗﺎﺩﺗﻪ ﺃﻥ
ﻳﺠﻬﺰﻭﺍ ﺍﻟﻔﻴﻠﺔ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ
ﺍﻟﺨﻴﻞ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻝ, ﻓﺎﻟﻔﻴﻞ
ﺣﻴﻮﺍﻥ ﺿﺨﻢ ﻗﻮﻱ,
ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﻛﺒﻪ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ
ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻨﺪ, ﻭﻳﻘﺎﺗﻠﻮﺍ ﻣﻦ
ﻓﻮﻗﻪ ﺑﻜﻔﺎﺀﺓ ﻭﻗﻮﺓ
ﻭﺣﻴﻦ ﺗﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﺪﺍﺩ, ﺗﻘﺪﻡ
ﺃﺑﺮﻫﺔ ﻭﺃﻣﺮ ﺍﻟﺠﻨﺪ ﺃﻥ
ﻳﺘﺒﻌﻮﻩ, ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ
ﺍﻟﻄﻮﻳﻞ ﺑﺎﺗﺠﺎﻩ
ﻣﻜﺔ ﺍﻟﻤﻜﺮﻣﺔ, ﻛﺎﻥ ﺟﻴﺶ
ﺃﺑﺮﻫﺔ ﻛﻠﻤﺎ ﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻴﻠﺔ
ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﺃﻏﺎﺭ ﻋﻠﻴﻬﺎ
ﻓﻨﻬﺐ ﺃﻣﻮﺍﻟﻬﺎ ﻭﺃﻏﻨﺎﻣﻬﺎ
ﻭﺇﺑﻠﻬﺎ ﻟﺘﻜﻮﻥ ﺯﺍﺩﺍً ﻟﻬﻢ ﻓﻲ
ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺾ
ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻗﺪ ﺳﻤﻌﺖ ﺑﻤﺴﻴﺮ
ﺃﺑﺮﻫﺔ ﻭﺟﻴﺸﻪ ﻓﺄﺧﺬﺕ
ﺣﺬﺭﻫﺎ, ﻭﻓﺮﺕ ﻣﻦ
ﺃﻣﺎﻛﻨﻬﺎ, ﻭﺑﻌﺾ ﻫﺬﻩ
ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﺮﻫﺔ
ﻭﺟﻴﺸﻪ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻭﺍﻹﻣﺪﺍﺩ,
ﺭﻏﺒﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﺗﻘﺎﺀ ﺷﺮﻩ
ﻭﺍﺻﻞ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ
ﺑﺠﻴﺸﻪ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ ﻣﻨﻄﻘﺔ
ﻗﺮﻳﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ, ﻓﺄﻗﺎﻡ ﻓﻴﻬﺎ,
ﻭﺃﺭﺳﻞ ﻓﺮﻗﺔ
ﻣﻦ ﺟﻴﺸﻪ ﻓﺄﻏﺎﺭﺕ ﻋﻠﻰ
ﺍﻹﺑﻞ ﻭﺍﻷﻏﻨﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺮﻋﻰ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺸﻌﺎﺏ ﻭﺍﻟﺠﺒﺎﻝ
ﻭﺭﺟﻌﺖ
ﺑﻬﺎ ﻏﻨﻴﻤﺔ ﺑﺎﺭﺩﺓ ﺇﻟﻰ
ﻣﻌﺴﻜﺮ ﺍﻟﺠﻴﺶ
ﻋﻠﻢ ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺑﺎﻷﻣﺮ,
ﻭﺗﺸﺎﻭﺭﻭﺍ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ, ﻣﺎﺫﺍ
ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ؟ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ
ﻋﺎﺟﺰﻳﻦ ﻋﻦ
ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺟﻴﺶ ﺍﻷﺣﺒﺎﺵ,
ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺟﻴﺸﺎً
ﻣﻨﻈﻤﺎﻭﻟﻴﺴﻮﺍ ﻣﺪﺭﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﺍﻟﻜﺎﻓﻲ
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﻋﺪﺩﻫﻢ ﻗﻠﻴﻞ
ﺑﺎﻟﻘﻴﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﺟﻴﺶ
ﺍﻷﺣﺒﺎﺵ, ﻭﺯﺍﺩ ﻣﻦ ﺧﻮﻓﻬﻢ
ﻣﺎ ﺳﻤﻌﻮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻔﻴﻠﺔ
ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻛﺎﻥ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻳﺮﺍﻫﻨﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﻲﺀ
ﻭﺍﺣﺪ ﻫﻮ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ
ﺑﻨﺎﺀ ﻣﻘﺪﺱ,
ﻭﻟﻪ ﺣﺮﻣﺘﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ, ﻭﺃﻥ
ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﺳﺘﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ
ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ.
ﺃﺭﺳﻞ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺇﻟﻰ ﺯﻋﻴﻢ ﻣﻜﺔ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﺑﻦ ﻫﺎﺷﻢ
ﻳﺪﻋﻮﻩ ﻟﻠﻘﺎﺋﻪ, ﻓﺠﺎﺀ ﻋﺒﺪ
ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ,
ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺟﻼً ﻣﻬﻴﺒﺎًﻭﻗﻮﺭﺍً,
ﻓﻠﻤﺎ ﺭﺁﻩ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺃﻛﺮﻣﻪ
ﻭﻧﺰﻝ ﻋﻦ ﻋﺮﺷﻪ ﺣﺘﻰ
ﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻪ
ﻭﺟﻠﺲ ﻣﻌﻪ, ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺴﺄﻟﻪ
ﻗﺎﺋﻼً: ﻣﺎ ﺣﺎﺟﺘﻚ
ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ: ﺇﻥ ﺟﻨﺪﻙ
ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻟﻲ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺑﻌﻴﺮ,
ﻭﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﺩﻭﻫﺎ ﻋﻠﻲّ
ﻗﺎﻝ ﺃﺑﺮﻫﺔ: ﻗﺪ ﻛﻨﺖ
ﻋﻈﻤﺘﻚ ﺣﻴﻦ ﺩﺧﻠﺖَ, ﻭﻟﻜﻨﻨﻲ
ﺍﻵﻥ ﺯﻫﺪﺕ ﻓﻴﻚ
ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ: ﻭﻟﻢَ ﺃﻳﻬﺎ
ﺍﻟﻤﻠﻚ
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﺮﻫﺔ: ﻟﻘﺪ ﺃﺗﻴﺖُ ﻷﻫﺪﻡ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻫﻮ ﺩﻳﻨﻚ
ﻭﺩﻳﻦ ﺁﺑﺎﺋﻚ ﻭﺃﺟﺪﺍﺩﻙ, ﻭﻫﺎ
ﺃﻧﺖ ﻻ ﺗﻜﻠﻤﻨﻲ ﻓﻴﻪ,
ﻭﺗﻜﻠﻤﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺎﺋﺘﻲ ﺑﻌﻴﺮ
ﻗﺎﻝ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ: ﺃﻣﺎ ﺍﻹﺑﻞ
ﻓﺄﻧﺎ ﺭﺑُﻬﺎ ﻱ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻭﻟﻠﺒﻴﺖ
ﺭﺏٌّ ﻳﺤﻤﻴﻪ
ﺃﻣﺮ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﺑﺮﺩ ﺍﻹﺑﻞ ﻋﻠﻰ
ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ, ﻓﻠﻤﺎ ﺍﺳﺘﺮﺩ
ﺇﺑﻠﻪ ﺭﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ, ﻭﺃﻣﺮ
ﺃﻫﻠﻬﺎ
ﺃﻥ ﻳﺘﻔﺮﻗﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﺎﺏ
ﻭﺍﻟﺠﺒﺎﻝ ﻟﻴﺄﻣﻨﻮﺍ ﻋﻠﻰ
ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻣﻤﺎ
ﻗﺪ ﻳﻔﻌﻠﻪ ﺟﻴﺶ ﺍﻷﺣﺒﺎﺵ,
ﺛﻢ ﻭﻗﻒ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﻋﻠﻰ
ﺑﺎﺏ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ ﻭﺃﻣﺴﻚ ﺑﺤﻠﻘﺘﻪ
ﻭﺃﺧﺬ
ﻳﺪﻋﻮ ﻗﺎﺋﻼً "ﺍﻫُﻢّ ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺮﺀ
ﻳﻤﻨﻊ ﺭﺣﻠﻪ ﻓﺎﻣﻨﻊ ﺣﻼﻟﻚ ﻻ
ﻳﻐﻠﺒﻦ ﺻﻠﻴﺒﻬﻢ ﻭﻣﺤﺎﻟُﻬﻢ
ﻏﺪﻭﺍً
ﻣﺤﺎﻟﻚ ﺇﻥ ﻛﻨﺖَ ﺗﺎﺭﻛﻬﻢ
ﻭﻗﺒﻠﺘﻨﺎ ﻓﺄﻣﺮٌ ﻣﺎ ﺑﺪﺍﻟﻚ"
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﺗﻬﻴﺄ ﺃﺑﺮﻫﺔ
ﻭﺟﻨﺪﻩ ﻟﻴﻐﻴﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺔ
ﻭﻳﻬﺪﻣﻮﺍ ﺍﻟﻜﻌﺒﺔ, ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻢ
ﻛﺬﻟﻚ
ﺇﺫ ﺑﺮﻙ ﺍﻟﻔﻴﻞ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ
ﺍﻷﺭﺽ, ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺑﻘﻴﺔ ﺍﻟﻔﻴﻠﺔ
ﻻ ﺗﻤﺸﻲ ﺇﻻ ﻭﺭﺍﺀﻩ, ﻓﺤﺎﻭﻝ
ﺍﻟﺠﻨﺪ
ﺃﻥ ﻳﻨﻬﻀﻮﻩ ﻭﻳﻮﺟﻬﻮﻩ ﻧﺤﻮ
ﻣﻜﺔ, ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺑﻰ, ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺟﻬﻮﻩ
ﻧﺤﻮ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻗﺎﻡ ﻳﻬﺮﻭﻝ, ﺛﻢ
ﻭﺟﻬﻮﻩ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻧﺤﻮ ﻣﻜﺔ
ﻓﺒﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ. ﻭﺍﻧﺸﻐﻞ
ﺍﻟﺠﻨﺪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻔﻴﻞ, ﻭﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ
ﺫﻟﻚ ﺃﺭﺳﻞ
ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻃﻴﺮﺍً
ﺃﺑﺎﺑﻴﻞ, ﺗﺄﺗﻲ ﻣﺴﺮﻋﺔ ﻓﺘﻤﺮ
ﻣﻦ ﻓﻮﻗﻬﻢ, ﻭﻣﻌﻬﺎ ﺣﺠﺎﺭﺓ
ﺻﻐﻴﺮﺓ
ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ, ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺃﺻﺎﺑﺖ
ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻣﻨﻬﻢ ﻫﻠﻚ ﻭﺳﻘﻂ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻴﺘﺎً, ﻓﻠﻤﺎ
ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺠﻨﺪ ﺫﻟﻚ ﻭﻟّﻮﺍ
ﻫﺎﺭﺑﻴﻦ ﻻ ﻳﻠﻮﻭﻥ ﻋﻠﻰ
ﺷﻲﺀ, ﻭﻇﻠﺖ ﺍﻟﻄﻴﺮ
ﺗﻼﺣﻘﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻗُﺘﻞ ﻛﺜﻴﺮ
ﻣﻨﻬﻢ, ﻭﺃﺻﻴﺐ ﺃﺑﺮﻫﺔ ﻓﺎﻟﺘﻒ
ﺣﻮﻟﻪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ, ﻭﺣﻤﻠﻮﻩ
ﻋﻠﻰ ﺩﺍﺑﺔ, ﻭﺍﻷﻟﻢ ﻳﺸﺘﺪ
ﻋﻠﻴﻪ, ﻓﻠﻤﺎ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺻﻨﻌﺎﺀ
ﻣﺎﺕ.
ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺭﺟﻊ ﺟﻴﺶ ﺍﻷﺣﺒﺎﺵ
ﺧﺎﺳﺌﺎً ﺫﻟﻴﻼً ﻣﺸﺮﺩﺍً, ﺑﻌﺪ ﺃﻥ
ﺧﺴﺮ ﻗﺎﺋﺪﻩ ﻭﺃﻛﺜﺮ ﺟﻨﺪﻩ,
ﻭﺭﺟﻊ
ﺃﻫﻞ ﻣﻜﺔ ﺇﻟﻰ ﻛﻌﺒﺘﻬﻢ
ﻳﻄﻮﻓﻮﻥ ﺣﻮﻟﻬﺎ ﺑﺈﺟﻼﻝٍ
ﻭﺗﻌﻈﻴﻢ
ﻣﺴﺘﺸﻌﺮﻳﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ
ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ
ﺣﻴﺚ ﺭﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻢ ﻛﻴﺪ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻌﺪﻭ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺭﺍﺩ ﻫﺪﻡ
ﻛﻌﺒﺘﻬﻢ ﻭﺍﺗﺨﺬ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻣﻦ
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﺎﻡ
ﺗﺎﺭﻳﺨﺎً ﻳﺆﺭﺧﻮﻥ ﺑﻪ, ﻷﻥ
ﺣﺎﺩﺛﺔ ﺍﻟﻔﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻋﻈﻢ
ﻭﺃﻋﺠﺐ ﺍﻟﺤﻮﺍﺩﺙ ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺁﻫﺎ
ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻓﻲ
ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ
ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺣﺪﺙ ﻣﺎ
ﻫﻮ ﺃﻋﻈﻢ ﻭﺃﻋﺠﺐ, ﻟﻘﺪ ﺣﺪﺙ
ﺷﻲﺀ ﻋﻈﻴﻢ ﻏﻴّﺮ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ
ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ,
ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﺎﺩﺙ ﺍﻟﻌﺠﻴﺐ ﻫﻮ
ﻣﻮﻟﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ